مخاطر صحية تتأتى عن إنجاز الأعمال جلوساً
أدرك رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل خطر إنجاز المرء لكافة أعماله جلوساً. وكذلك ليوناردو دفنشي أدرك حقيقة الأمر منذ أمد بعيد.
أما في حاضرنا، فهذه من الحقائق الصحية التي بات يدركها المعنيون بالشأن الصحي، إذ هناك حسنات جمّة لإتمام الواجبات المهنية وقوفاً، ومعظم المكاتب الحديثة في عصرنا، في أوروبا باتت مزودة بآلات للجري والسير حتى تشجع الناس على مزاولة الرياضة والسير أثناء العمل. ولهذا المنطق أساسه العلمي لا سيما وأن ظاهرة الكسل مستشرية في العالم المتقدم، حيث المرء فيه يميل الى الإكثار من الجلوس إما خلف المقود، أو أمام جهاز التلفاز، مما يجعله علمياً مضطراً للتعويض عن كثرة الجلوس بالمشي يومياً مسافة 19 كلم، والأجسام بتكوينها تحافظ على الطاقة وكثرة المحافظة على الطاقة قد تؤذي.
وهذا ما حضّ وزارات الصحة لعقود في الغرب على دفع الناس الى ممارسة التمارين الرياضية بعد أن هالها الفترات المطولة التي يقضيها مواطنوها جالسين دون حراك. والمسيء هو كثرة الجلوس رغم ممارسة الهرولة أو المشي لبعض الوقت، إذ ما يحتاجه الانسان، حسب آخر التقارير الصحية الواردة، هو مستوى من الحركة بمعدل معقول ومتواصل وخفيف حتى لا يكاد المرء أن يشعر بوتيرته. ويورد أحد التقارير أنه يكفي الإنسان أن يقف ليحرك عضلات نائمة مستكينة لا تعرف الحراك البتة اثناء عملية الجلوس.
ويرجح الباحثون تاريخ اكتشاف فكرة الوقوف ومدى انعكاسها الصحي الجيد على الظهر والقوام وصحة المرء عموماً الى العام 1953، عندما نشرت دراسة أظهرت ان المشرفين على سير العمل في الحافلات والذين يؤدون أعمالهم وقوفا هم أقل بنسبة 50% عرضة للإصابة بنوبات القلب من سائقي الحافلات الذين يقضون أوقات الراحة مستقلين على ظهورهم.
ولكن على إمتداد السنوات الماضية تراجع اهتمام الناس مجدداً بمزاولة النشاط الرياضي بشكل واضح. إحدى الدراسات التي تناولت 800 الف شخص، برهنت أن أقل الناس نشاطاً وحركة في معرض حياتهم اليومية هم أكثر مرتين من غيرهم عرضة للإصابة بداء السكري مقارنة مع من يبذلون مجهوداً. وأنهم عرضة مرتين أكثر من غيرهم للنوبات القلبية والمعاناة من الأمراض القلبية.
كما أظهرت أحدث مجموعة دراسات تناولت الموضوع بأن مجرد قلة الحراك دون الإلتهاء بالتلفاز أو القراءة يتسبب بالأذى لجسد الإنسان، إذ يزيد من الدهون الثلاثة أو (Triglycerides)، مما يؤهل لتخزين الكوليسترول بمستويات منخفضة ويرفع من نسبة الإصابة بأمراض القلب.
كل ذلك ممكن عكسه بمجرد الإقبال على القليل من الحركة والتمارين يومياً، كأن نقطع فترات جلوس طويلة بالمشي لمدة 20 دقيقة، فهذه الاستراحة البسيطة ستخلق فارقاً صحياً هائلا، هذا إضافة الى اختيار الغذاء السليم والمدروس ليواكب توجه الناس الى القيام بأعمالهم خلف مكاتبهم وقوفاً من الآن فصاعداً على طريقة ونستون تشرشل..