المؤتمر الدولي العاشر للتأمين تحت عنوان "مد الجسور بين مُستقبل التأمين والتكنولوجيا"

محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل الشركس
12 أيار 2025
الأردن
مشاركة

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة

السيدات والسادة الحضور الكــــرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  • يسعدني أن أرحب بكم جميعاً في أعمال المؤتمر الدولي العاشر للتأمين، الذي نلتقي فيه في مدينة العقبة، هذه المدينة الساحلية التي تمثل جوهرة الأردن، بما تمتاز به من روعة الطبيعة، والموقع الاستراتيجي الذي يربط المملكة بالأسواق الإقليمية والعالمية، لتكون بذلك نموذجاً للتكامل الاقتصادي والانفتاح على الاستثمار، تجسيداً لرؤى وتطلعات سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين -حفظه الله ورعاه-.
  • وفي هذا المقام، لا يسعني إلا أن أعبر عن بالغ تقديري وإمتناني للاتحاد الأردني لشركات التأمين ممثلاً برئيس مجلس الإدارة/ سعادة المهندس ماجد سميرات، والرئيس التنفيذي للإتحاد/ الدكتور مؤيد الكلوب، ولسعادة السيد شكيب أبو زيد/ الأمين العام للاتحاد العام العربي للتأمين، ولكافة الجهات الراعية من شركات ومؤسسات إعلامية، على جهودهم في تنظيم هذا الحدث وإنجاحه، والذي يأتي تحت عنوان: "مد جسور بين مستقبل التأمين والتكنولوجيا"، وهو عنوان يعكس بجدارة روح العصر وتطلعات قطاع التأمين نحو المستقبل.
  • كما أرحب بجميع المشاركين في أعمال هذا المؤتمر، وأخص بالذكر ضيوفنا الكرام من خارج المملكة الذين شرفونا بحضورهم، فأهلاً وسهلاً بكم في وطنكم الثاني الأردن، متمنياً لكم إقامة طيبة، واستمتاعاً بأجواء العقبة الجميلة، ومشاركة مثمرة في هذا المؤتمر الذي نطمح، كما اعتدنا دائماً، أن يكون منصة فاعلة لتبادل الرؤى والخبرات، والخروج بنتائج عملية تنعكس إيجاباً على واقع قطاع التأمين في منطقتنا وخارجها.
  • وفي الحقيقة، إن الاستمرارية التي يشهدها هذا المؤتمر تشكل دلالة واضحة على حرص القائمين على قطاع التأمين على مواصلة التطوير والانفتاح على متغيرات العصر، واستعدادهم الدائم للتكيف مع التحديات المتسارعة في بيئة اقتصادية ورقمية دائمة التحول.

السيدات والسادة،

  • كما تعلمون، لم يعد قطاع التأمين مجرد وسيلة لتعويض الخسائر، بل تحول إلى ركيزة أساسية في الاقتصادات الحديثة، ليشكل منظومة متكاملة تساهم في دعم النمو الاقتصادي، وتهيئة بيئة مستقرة وآمنة تعزز الاستثمار والإنتاج. كما يلعب دوراً فعالاً في تعبئة المدخرات وتوظيفها بفعالية في المشاريع الاستثمارية المختلفة، مما يعزز التنمية المستدامة ويخلق فرصاً اقتصادية واعدة.
  • وفي ظل هذه الأهمية، يواصل قطاع التأمين نموه المتسارع، حيث بلغت قيمة سوق التأمين العالمي نحو 8 تريليونات دولار في عام 2024، مع توقعات بزيادة كبيرة خلال السنوات القادمة.
  • أما على صعيد الدول العربية، فتشير بيانات صندوق النقد العربي إلى أن إجمالي أقساط التأمين بلغ حوالي 50.8 مليار دولار مع نهاية عام 2023، تشمل كافة أنواع التأمين التقليدي والاسلامي، محققاً معدل نمو تجاوز 9% مقارنةً بعام 2022.
  • ورغم هذا النمو، فإن أقساط التأمين لا تمثل سوى 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية، مقارنة بنسبة 6.8% على المستوى العالمي. وهذا التباين يبرز الحاجة إلى توسيع قاعدة هذا القطاع، وتعزيز دوره الاقتصادي، من خلال إعادة تشكيل نماذجه التشغيلية، وتبني أدوات رقمية متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات الضخمة، وتقنيات سلسلة الكتل (Blockchain)، مما يساهم في تحسين دقة تقييم المخاطر، وتسريع إجراءات الاكتتاب، وتبسيط تسوية المطالبات، وتعزيز تجربة العملاء بجودة عالية.

السيدات والسادة،

  • محلياً، يُعد قطاع التأمين من القطاعات الواعدة، مدعوماً بالتطور الرقمي والتقني الذي تشهده المملكة، وما يوفره من بيئة مناسبة لتعزيز الابتكار، وتوسيع الخدمات المقدمة للمواطنين والشركات. فقد ارتفعت قيمة الأقساط التأمينية في عام 2024 بنسبة 5.8% لتصل إلى 1.1 مليار دولار، أي ما يعادل 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزة بذلك متوسط الدول العربية البالغ 1.6%.
  • وتؤكد هذه الأرقام أن قطاع التأمين في الأردن ما زال يحمل فرصاً كبيرة للنمو المستقبلي، خاصة مع ارتفاع الوعي التأميني، وتبني التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات.
  • واستناداً إلى ذلك، كرّس البنك المركزي الأردني منذ تسلمه مهام الرقابة والإشراف على شركات التأمين قبل نحو أربع سنوات، جهوده لتنفيذ مجموعة من الإجراءات لتطوير هذا القطاع، شملت مراجعة التشريعات الناظمة له بما يواكب أفضل الممارسات الدولية.
  • وقد طور البنك خطة مدروسة لإعادة هيكلة القطاع من خلال إجراءات مصممة بعناية لمعالجة نقاط الضعف، وبناء كيانات تأمينية قوية قادرة على المنافسة والنمو ومواكبة تطورات التكنولوجيا المالية، واستقطاب الكفاءات البشرية المدربة وتطويرها، وتقديم خدمات ومنتجات مبتكرة تكفل حماية حقوق المواطنين.
  • كما تم إقرار الأسباب الموجبة لقانون التأمين الجديد ليشكل مرجعاً شاملاً ينظم مبادئ وأحكام عقد التأمين، بمراحله كافة؛ ابتداء بمرحلة ما قبل التعاقد وحتى التنفيذ، واضعاً قواعد واضحة تحدد الالتزامات المترتبة على طرفي العقد، ومفصلاً العناصر الأساسية لعقد التأمين مثل: المصلحة التأمينية، والخطر التأميني، والقسط التأميني، ومدة التأمين، وغيرها من المكونات الجوهرية. وذلك انسجاماً مع رؤية التحديث الاقتصادي 2023–2033 لقطاع الخدمات المالية.
  • وفي هذا الإطار، تم إصدار نظام التأمين الإلزامي للمركبات، والتعليمات المنبثقة عنه، في إطار حرص البنك على إيجاد توازن بين ضمان الاستدامة المالية للشركات المقدمة لهذه الخدمة، وتحقيق المصلحة العامة من خلال تعزيز مبدأ العدالة المالية، وضمان استمرارية قطاع التأمين في المملكة، إضافة إلى المساهمة في خلق بيئة مرورية آمنة.
  • وبالتوازي، يعمل البنك على متابعة التزام شركات التأمين الكامل في تنفيذ الحزمة الجديدة من التعديلات التنظيمية التي تسرّع إجراءات التعويض وتبسط تسوية المطالبات، بما يضمن حصول المتضررين على حقوقهم المالية في الوقت المناسب وبطريقة عادلة، ويعزز ثقة المواطنين في هذا القطاع الحيوي.

السيدات والسادة،

  • عند الحديث عن قطاع التأمين، لا يمكننا إغفال المخاطر المتزايدة للكوارث الطبيعية والتغير المناخي، التي أصبحت آثارها ملموسة وتشكل تهديداً حقيقياً يزداد تواتره بمرور الوقت. ورغم أن مساهمة الأردن في الانبعاثات الكربونية لا تتجاوز 0.06% عالمياً، إلا أن المملكة تتأثر بشكل كبير بتداعيات التغير المناخي، التي تهدد مواردنا المائية والغذائية وتنوعنا البيئي.
  • وتسير المملكة بخطى ثابتة نحو إيجاد حلول في مجالات الزراعة الذكية مناخيًا، والحفاظ على المياه، والمشاريع الرائدة في مجال الطاقة النظيفة. ويعمل البنك المركزي الأردني كشريك وطني مع مؤسسات الدولة المختلفة، في الاستجابة لهذه التحديات، ليكون في طليعة البنوك المركزية في المنطقة في إدارة مخاطر المناخ وتعزيز التمويل الأخضر، وهو ما تُوج بإطلاق استراتيجية التمويل الأخضر 2023–2028، وهي الأولى من نوعها في المنطقة، آملاً أن يكون لقطاع التأمين دور فعّال في تنفيذها بجميع مراحلها.
  • كما تم إصدار أول سند أخضر في المملكة ليكون أداة لدعم المشاريع التي تساهم في تعزيز استخدام الطاقة النظيفة، والحد من الانبعاثات الكربونية، ودعم التنمية المستدامة.

السيدات والسادة،

  • تماشياً مع الأهمية المتزايدة للتحول الرقمي في قطاع التأمين، تمضي المملكة قُدماً نحو تعزيز التحول الرقمي، وجعل الأردن مركزاً إقليمياً رائداً ووجهة استثمارية مثلى في مجال التكنولوجيا المالية (FinTech)، انسجاماً مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي 2023–2033.
  • ولا شك أن قطاع التأمين يمثل بيئة خصبة للتطور التقني، حيث يعمل البنك المركزي حالياً على وضع الأطر التنظيمية اللازمة لترخيص منصات التأمين الإلكترونية، وتطوير الإطار القانوني بما يواكب التطورات التكنولوجية ويسهم في تطوير هذا القطاع الحيوي.

السيدات والسادة،

  • نؤمن أن تعزيز قطاع التأمين يقوم على اقتصاد قوي ومستقر قادر على مواجهة التحديات والتكيف مع المتغيرات العالمية. وقد أثبت الاقتصاد الأردني مرونته المتواصلة في مواجهة مختلف التحديات الإقليمية والدولية.
  • ففي عام 2024، حقق الاقتصاد الوطني نمواً نسبته 2.5%، رغم التصاعد في التوترات الجيوسياسية نتيجة استمرار الحرب في غزة، بدعم من السياسات الاقتصادية السليمة للحكومة وأداء القطاع الخارجي الذي أظهر قدرة كبيرة على الصمود والتكيف مع التحديات الإقليمية.
  • وقد عززت السياسة النقدية للبنك المركزي الثقة بالاقتصاد الوطني، مما ساهم في الحفاظ على احتياطيات أجنبية قياسية تبلغ حالياً 22 مليار دولار، تغطي واردات المملكة من السلع والخدمات لمدة 8.5 أشهر، إضافة إلى الحفاظ على معدلات تضخم ضمن مستويات مناسبة للنشاط الاقتصادي، تتراوح حول 2.0%.
  • كما تواصل المملكة تنفيذ نهج الإصلاح الشامل بمساراته الثلاثة: السياسي والاقتصادي والإداري. وتُعد رؤية التحديث الاقتصادي الإطار الشامل والمرجعي لكافة جهود الإصلاح الاقتصادي في المملكة.

السيدات والسادة،

  • في الختام، أؤكد أن قطاع التأمين في منطقتنا يحمل إمكانات كبيرة للنمو، ومواكبة التحولات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة، وتعزيز دوره كركيزة أساسية في دعم الاستقرار المالي.
  • ونحن في البنك المركزي الأردني جزء من هذا النظام المتكامل، ونحرص على تكريس الشراكة والتنسيق مع شركائنا في المنطقة، ولن ندّخر جهداً في دعم هذا القطاع محلياً وفي دولنا العربية.
  • أجدد ترحيبي بكم مرة أخرى في مدينة العقبة، متمنياً لمؤتمركم النجاح وتحقيق الأهداف المنشودة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخبار من نفس الفئة