النوران .. مصرف ليبي بمعايير وطموحات عالمية
1- هل لنا بفكرة عن تاريخ تأسيس مصرف النوران؟
تأسس مصرف النوران سنة 2008 بناءً على إتفاقية بين الحكومتين الليبية والقطرية، وعلى شكل شركة مساهمة ليبية مناصفة بيـن جهاز قـطـر للاستثمار الذي تنازل لاحقاً إلى قطر القابضة والمصرف الليبي الخارجي الذي يمتلك أكثر من 29 مساهمة في مصارف ليبية وعالمية. وكان هدف المؤسسين منذ البداية إنشاء مصرف عصري حديث والوصول به إلى مطاف المؤسسات العالمية وبمعايير قياسية. كان من المفترض أن ينطلق العمل بمصرف النوران بداية العام 2011، لكن نتيجة الظروف تأخر الإطلاق حتى نهاية 2015، وسنة 2018 تحوّل البنك إلى مصرف إسلامي بالكامل. رغم حداثته، استطاع مصرف النوران بفضل رؤيته وخدماته الالكترونية المتطورة والمعايير العالمية التي يتبعها، أن يثبت نفسه بين المصارف الأولى في ليبيا وهو اليوم يستحوذ على 12% من حجم السوق وبات الخيار الأول لكبرى الشركات والمؤسسات العامة والخاصة والسفارات.
2- ما هي أهم الخدمات الإلكترونية والرقمية التي تقدمونها لعملائكم؟
استثمر مصرف النوران على غرار معظم المصارف الليبية، مبالغ كبيرة في تطوير البنى التحتية الالكترونية، وهو اليوم يتبنى واحدة من أفضل المنظومات المصرفية في العالم Teminos T24 التي ساعدتنا على إطلاق العديد من المنتجات والخدمات الرقمية مثل الإنترنت المصرفي والموبايل المصرفي الذي يستطيع العميل من خلاله متابعت حساباته وتحويل أمواله وسواها من الخدمات والمزايا. كذلك أطلقنا عدداً كبيراً من مكينات الـATM المنتشرة في معظم المناطق، ومكينات نقاط البيع الذي تجاوز عددها في طرابلس فقط الـ 3000 مكينة، ويتراوح حجم عملها ما بين الـ 3 والـ 6 مليون دينار ليبي يومياً. وبالنسبة للبطاقات الإئتمانية، لدينا البطاقات المحلية التي يستطيع العميل أن يستعملها للسحب النقدي من مكينات الـ ATM أو أن يشتري بها من خلال مكينات الـ P.O.S، أما البطاقات الدولية فلدينا 3 أنواع من بطاقات Visa بمميزات مختلفة، ويمكن استخدامها للشراء عبر الإنترنت أو استعمالها في الخارج. من ناحية أخرى وقع البنك اتفاقيات استراتيجية مع شركة "فيزا" ونحن أيضاً وكلاء لشركة Money Gramm في ليبيا.
3- ما هي خطتكم في التوسع والإنتشار؟
لدينا حالياً 7 فروع ونسعى للوصول الى 10 فروع نهاية 2024، وهدفنا زيادة فرع أو فرعين كل سنة لتغطية كافة المناطق الليبية، كما نضع نصب أعيننا إمكانية التوسع الخارجي.
4- ما هي أبرز النتائج التي حققها البنك حتى الربع الثالث من 2023؟
يتمتّع مصرف النوران بوضع مالي ممتاز وعائد مجزي على رأسالمال، علماً أن نتائجنا تنمو بشكل مستمرّ، على سبيل المثال حققنا في 2022 صافي أرباح بحوالي الـ 40 مليون دينار، وحتى الربع الثالث من 2023 وصلت أرباحنا الى 60 مليون دينار ليبي.
5- كيف تقيمون امتثالكم للمعايير المحلية والعالمية؟
تعاقدنا مع شركة Deloitte العالمية لإعادة بناء سياسات المصرف كاملة لتضاهي أعلى المعايير العالمية، وتعتبر اليوم إدارة المخاطر لدينا من بين أقوى الإدارات في المصارف الليبية بشهادة المصرف المركزي، كما تخطينا معايير "بازل 3" من ناحية كفاية رأسالمال التي وصلت لدينا الى 29% بينما لا تتعدى متطلبات بازل الـ 12,5% فقط، أما نسبة كفاية السيولة فوصلت الى 800%، وبالنسبة للإعتمادات المستندية لدينا شبكة واسعة من المراسلين في العالم، وحجم عملنا ممتاز جداً في هذا المجال.
6- هل تفكرون بالحصول على تصنيف للبنك من إحدى الشركات المعتمدة عالمياً؟
بالفعل، بدأنا التعاون مع إحدى الشركات الإستشارية الكبرى لمساعدتنا على الحصول على تصنيف جيد إنشالله، وهنا نذكر أن قرار المصرف المركزي الأخير بزيادة رؤوس أموال المصارف الليبية التي تراجع دورها في التنمية نتيجة لضعف إمكانيتها على التمويل بعد أن تآكلت رؤوس أموالها بسبب تراجع قيمة العملة، كان لهذا القرار دوراً مهماً في تقريبنا من الحصول على تصنيف جيد، لأنه يدعم مراكزنا المالية.
7- عانى الإقتصاد الليبي لسنوات من أزمات داخلية وخارجية، كيف تقيمون الوضع اليوم؟
ساهمت استراتيجيات وسياسات البنك المركزي الليبي الحكيمة في توفير نوع من الإستقرار الإقتصادي والمالي في البلاد رغم الأزمات، فعلى سبيل المثال لم تشهد ليبيا موجات تضخمية كبرى على غرار دول العالم والجوار نتيجة للحرب الروسية – الأوكرانية وتأثيرها على إمدادات الغذاء وارتفاع أسعاره بشكل كبير، لأن سياسة المركزي ركزت على دعم القمح والشعير والعناصر الغذائية الأساسية، إضافة الى دعم المواد الأولية والتركيز على تمويل الصناعة دون غيرها لتخفيف الإستيراد، وكان ذلك بالتعاون مع المصارف الليبية المختلفة ومنها مصرف النوران من خلال ضخ الأموال في السوق، بينما كان دور المصارف في الدول الأخرى ضئيلاً جداً في هذا الجانب.
أما أزمة نقص السيولة والتي عانى منها الليبيون منذ العام 2014 فقد تمّ حلّها بشكل شبه كامل، وبات بإمكان المودعين اليوم سحب أموالهم في أي وقت وبسقوف عالية، فقد ساهمت خطة المركزي بتوجيه البنوك الى تطوير البنى التحتية التكنولوجية وفرض ثقافة الدفع الإلكتروني بحلّ هذه الأزمة بشكل كبير وبسط الإستقرار النقدي، وأصبح الدفع الالكتروني حلاً بديلاً وعملياً للعملة النقدية الغير متوفرة، وهذه الخدمات والتسهيلات أنعكست إيجاباً على ثقة المودعين بالمصارف، وأصبحوا يودعون أمواهم فيها من جديد لأنهم باتوا قادرين على التصرف بها بحرية. وهنا يمكننا القول أن "ربّ ضارة نافعة"، حيث أن أزمة السيولة ساهمت في تسريع نشر ثقافة الدفع الإلكتروني بشكل كبير، الأمر الذي تسعى اليه معظم الدول اليوم.
من ناحية أخرى ولحلّ أزمة شحّ الدولار ومنع المضاربات والمضاربين ومحاربة السوق الموازية، أصدر البنك المركزي تعميماً يعطي كل مواطن تجاوز عمره الـ 18 سنة الحقّ بالحصول على 10 الآف دولار بالسعر الرسمي يمكن استعمالها من خلال البطاقات الإتمانية، إضافة الى 10 الآف أخرى لعمليات التحويل، وهناك أيضاً تسهيلات للحصول على الدولار في حالات العلاج أو الدراسة في الخارج.
وكإقتصاديين نستبشر خيراً مع عودة الإستقرار في تصدير النفط بعد أن خسر الإقتصاد عوائد لا تقل عن الـ 100 مليار دولار سنوياً عندما تمّ إقفال حقول النفط في أعوام 2012 و2013 و2014، فاليوم أدرك السياسيون تماماً أن الإنقسام غير نافع وأن لا هروب من متطلبات الناس.
8- بعد نحو عقد من الانقسام، تمّ أخيراً إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي، كيف ترون أهمية هذه الخطوة بالنسبة للقطاع المصرفي؟
إن خطوة توحيد البنك المركزي الليبي هي خطوة إيجابية جداً للبلاد والقطاع المصرفي فيها، والجميع بدون استثناء كان يرغب بهذا الحلّ الذي يعطي "ثقة" أكبر للمتعاملين الداخليين والخارجيين كما أنه يمكّن البلاد من تنفيذ سياسة نقدية موحدة. علماً أنه في فترة الإنقسام ظهرت أزمة السيولة وتشتت أرصدة المصارف ما بين المصرف المركزي في طرابلس والمصرف المركزي في بنغازي، خصوصاً المصارف الحكومية الضخمة والتي لديها فروع كبيرة في المنطقة الشرقية، وبالتالي أصبحت هذه المصارف عاجزة عن توفير التزاماتها أمام التعاميم والتشريعات والقوانين المحلية والعالمية المختلفة وأمام المودعين. كما أن عدم ضبط موضوع الصرف كان له أثر إقتصادي سلبي، انعكس على كل مواطن وعائلة ليبية، وكان من أبرز أسباب خلق سوق سوداء موازية للعملة، كما تأثرت المقاصة وأعمال المستثمرين.
ولكن الحمدلله اليوم مع توحيد المصرف المركزي في طرابلس تمّ اتخاذ العديد من الإجراءات الإيجابية، وأبرزها منح المصارف قروضاً حسنة لدعم ارصدتها التي وصلت اليوم الى 6 مليار دينار ليبي تقريباً.