البنك الزراعي السوداني يلعب دوراً استراتيجياً في دعم وتطوير القطاع الزراعي وتمكين المرأة الريفية
يعتمد السودان اعتماداً مباشراً في اقتصاده على الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، ويساهم هذا القطاع مساهمة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث أن غالبية السكان يركزون على الزارعة لتوفير الغذاء وفرص العمل، لذا فإن تنمية هذا القطاع الإستراتيجي تساعد بشكل كبير في تخفيف حدّة الفقر وتحسين الأمن الغذائي. وعلى الرغم من أن الزراعة هي وسيلة أساسية لدفع عجلة التنمية المستدامة وتحقيق الرفاه الإجتماعي والحدّ من الفقر في السودان، فإن القيود المالية في هذا القطاع تعيق التنمية بسبب ارتفاع التكاليف التي تحدّ بشكل كبير من قدرة صغار المزارعين على المنافسة. من ناحية أخرى فقد كشفت التغيرات في أسعار الأغذية عن مدى عجز الإنتاج الزراعي عن سدّ الإحتياجات العالمية وضرورة زايدة الإستثمار في الزراعة على جميع المستويات.
من هذا المنطلق يلعب البنك الزراعي السوداني دوراً استثنائياً في تمويل كبار وصغار المستثمرين في هذا القطاع الحيوي، من أجل تطويره والإرتقاء به وزيادة مساهمته في الإقتصاد وتحقيق الأمن الغذائي. مجلتنا التقت مدير عام البنك محمد ادم عبدالكريم التوم، الذي شرح لنا عن أبرز المبادرات والإنجازات التي حققها البنك في الفترة الأخيرة، قائلاً:
“شارك البنك الزراعي السوداني في ملتقي السودان الزراعي العالمي الثالث في شباط الماضي، والذي أقيم تحت شعار “معا نحو نهضة زراعية متكاملة”. وضمن فعاليات الملتقى تم تقديم ورقة بعنوان: “التمويل الزراعي وإعسار المزارعين”، تناولت دور البنك الزراعي السوداني في التمويل الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وكيف أن البنك يهدف الى المضي قدماً في تمويل القطاع الزراعي وتنميته، حيث تم تغطية 40% من المساحات المزروعة من مشروع الجزيرة عن طريق التمويل الأصغر، رغم ارتفاع تكلفة احتياجات التمويل بسبب التضخم، حيث ارتفعت تكلفة الفدان من 1.300 جنيه في العام 2018 الى 62.000 ألف جنيه اليوم، وكيف أن نسبة التعسر لا تتعدي 5% . والتمست الورقة من الدولة رعاية البنك الزراعي وزيادة رأس ماله وتوفير العملة الصعبة له ليستطيع توفير الأسمدة والمبيدات للمزارعين وتوفير الخيش وتأهيل مواعين الري.
وعلى هامش الملتقى اجتمعنا مع الوفد العماني المشارك، وناقشنا معهم سبل التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وأمن المجتمعون على توقيع مذكرة تفاهم لتوفير مدخلات الانتاج الزراعي المختلفة وفتح نوافذ للتبادل التجاري في كافة المجالات ذات الصلة بالقطاع الزراعي.
وقدّم في الملتقي عدد من أوراق العمل منها حجم التبادل الزراعي بين السودان والهند، والتجربة الرواندية في التنمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالسودان، والتجربة الاثيوبية في الزراعة، وتحديات نقل التقانة وسواها.”
وتابع التوم حديثه قائلاً: “من ناحية أخرى أعلن البنك الزراعي السوداني استهدافه تمويل 800 ألف فدان لمحاصيل العروة الشتوية بولايات السودان بمبلغ 78 مليار لكل مراحل العمليات الزراعية، على ان يشكل القمح 90% منها، وان البنك قام بإعداد سياسته لتمويل الموسم الشتوي بالتركيز على تمويل محصول القمح ذو البعد الإستراتيجي في الأمن الغذائي بالإضافة لمحاصيل زهرة الشمس والفول المصري والبطاطس والبصل إضافة الى التوابل وغيرها.
وبلغت إلاحتياجات النقدية اللازمة لتمويل الموسم الشتوي 2021-2022 مايعادل 60 مليار جنيه للمرحلة الأولى و18 مليار جنيه لبقية المراحل، فيما بلغت الاحتياجات العينية حوالي 40 ألف طن من سماد الداب، إضافة إلى 85 ألف طن من سماد اليوريا و35 ألف بالة خيش للحصاد، الا أن الظروف التي الصعبة أثرت على قدرة البنك في توفير المدخلات في الأوقات المناسبة.”
وفي ما يتعلق بجهود البنك في انجاح عمليات حصاد محاصيل الموسم الصيفي قال عبد الكريم ان البنك قام بتمويل مساحة تقدر بثمانية ملايين فدان من محاصيل العروة الصيفية 2021-2022 عبر فروعه بالولايات المختلفة للزراعات المطرية والمروية، مؤكداً سعي البنك لإنجاح مرحلة الحصاد بتوفير الاحتياجات العينية لعدد 115 الف بالة خيش اضافة لمبلغ 40 مليار جنيه لمقابلة التمويل النقدي.
أما عن دو البنك الزراعي في دعم وتمكين المرأة السودانية فيضيف التوم: “بعد بضعة أشهر من رفع العقوبات الإقتصادية الأمريكية والتي استمرت لأكثر من 20 عاماً، أطلق البنك الزراعي السوداني مبادرة (أبسمي) للتمويل الأصغر، لدعم النساء المحتاجات ليبدأن مشروعات صغيرة خاصة، وتهدف المبادرة لتحسين حياة الفقراء السودانيين من خلال تعريفهم بمجموعة كبيرة من المشروعات الصغيرة الزراعية وغير الزراعية. ويمكن لمجموعة نساء التقدم للحصول على قرض قيمته بين 150 و1200 دولار، وإذا تخلفت أية حاصلة على القرض، يتعين على باقي أعضاء المجموعة الآخرين تسديد القرض عنها، وإلا فإنهن يفقدن إمكانية الحصول على أي قروض أخرى مستقبلا، ولذلك فإن معدل تسديد القروض كان 100٪ تقريبا حتى الآن”. وعن السبب في التركيز على النساء، يقول التوم: “إن النساء أكثر حرصاً من الرجال في سداد السلفيات في الزمن المحدد، كما أن الإستثمار في السلفيات بواسطة النساء يعود للأسرة بكاملها.”
وعن أهمية رفع الحظر الأميركي عن السودان في تمكين البنك من تحقيق أهداف المبادرة تابع التوم: “في تشرين الأول 2017 رفعت الولايات المتحدة عن السودان عقوبات عديدة، بينها قيود على التحويلات المصرفية العالمية، الأمر الذي أحيا آمالا لتوسيع نطاق خطة تمويل صغير ساعدت بالفعل ألوف النساء الريفيات على إقامة مشاريعهن الخاصة من خلال التمويل. وعزز رفع الحظر عن السودان الأمل في مستقبل أفضل لمبادرة “أبسمي”، التي تهدف إلى الوصول لمليون امرأة ريفية وأُسرهن وإتاحة فرص لم يكن لها وجود من قبل لمئات ألوف النساء. وكانت المبادرة خطوة مهمة للغاية خصوصاً أن المصارف عادة تحجم عن الدخول الى المناطق الريفية، وهناك عدد قليل جداً من الحسابات المصرفية لأهل الريف.”