بنك النيل يطبّق مشاريع ضخمة، ستمكّنه من تحقيق تصنيف مرتفع علي المستوي المحلي والاقليمي وحتى العالمي

مقابلة مع د. صابر محمد حسن (المحافظ السابق لبنك السودان المركزي ورئيس مجلس إدارة بنك النيل)
14 أيار 2023
السودان
مشاركة

1- ما هي أبرز النتائج التي حققها بنك النيل حتى الربع الأول من 2023؟
حقق بنك النيل  نتائج  جيدة في مؤشرات أدائه حتى نهاية شباط 2023، أبرزها: 
 *حققت الإيرادات نسبة 92.3% مقارنة بالمخطط بنهاية شباط 2023، تفاصيلها كالاتي:  ايرادات التمويل والاستثمار نسبة أداء بلغت 101.2%، كما حققت إيرادات الخدمات المصرفية نسبة 58.7% .
* حققت المصروفات نسبة 64.8% مقارنة بالمخطط بنهاية شباط 2023، تفاصيلها كالاتي: مصروفات العنصر البشري حققت نسبة 71.1% وحققت المصروفات الإدارية 54.4% .
* حققت الأرباح نسبة 218.1% مقارنة بالمخطط بنهاية شباط 2023. 
* بلغ معدل التكلفة 54.9% مقارنة بالمخطط بنهاية شباط 2023.
* بلغت الودائع نسبة  63% مقارنة بالمخطط للعام 2023.

 

2- ما هو جديدكم في مجال الخدمات والمنتجات  المصرفية الالكترونية، والى أي مدى ساهمت هذه الخدمات برأيكم في تحسين إيرادات البنك؟
يسعي  بنك النيل الى تطوير واستحداث منتجات وخدمات جديدة لتلبية تطلعات عملائه. ومن أبرز تلك الخدمات: الإنترنت المصرفي وتطبيق “ساهل”، وهي منتجات تخضع للتحديث المستمر لاستيعاب احتياجات العملاء ومعالجة القصور والمشاكل. وقد تعاقد بنك النيل مع شركة “أوراكل” لتطبيق أحدث أنظمتها (FLEXCUBE)، كما لدى البنك تعاقدات لإدخال البطاقات الائتمانية (ماسترد كارد)
وتعمل هذه المنتجات على تدعيم إيرادات البنك من خلال الحفاظ على عملائه المميزين واستقطاب عملاء جدد يرغبون في الإستفادة من هذه الخدمات، وكذلك الإيرادات الناتجة عن عمولات تقديم الخدمة.

 

3- كيف تقيمون الإقبال على استحواذ بطاقات الدفع الالكتروني في السودان، وهل الديكم حوافر أو نقاط ولاء في بنك النيل تشجعون بها طرق الدفع بالبطاقات؟
العميل السوداني تواق للخدمات الجديدة، التي تدفع به للعالمية والتطور ، علماً أن المصارف السودانية تواكب دائماً أحدث مجالات الدفع الالكتروني. ومن أبرز أسباب الإقبال على بطاقات الدفع الالكتروني، الفوائد العديدة  التي تقدمها، وكذلك زيادة الوعي بوسائل الدفع الالكتروني.
ويقدّم بنك النيل عدّة حوافز للعملاء ل منها زيادة مروحة الخدمات التي تقدمها هذه البطاقات في التعاملات الحكومية وشراء الكهرباء وأرصدة الهاتف وغيرها.

 

4- تركز البنوك والحكومات اليوم على التمويلات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر هل نجحت برأيكم هذه التجربة في السودان وما هي النسبة المخصصة لهذه التمويلات من حجم محفظة القروض لديكم ؟
في ظل التضخم و تآكل الأموال، نجحت خطة التوجه للتمويل المتوسط والصغير  في تحقيق الأرباح في فترات صغيرة، وتوزيع أمثل لسقوفات التمويل، إضافة الى استهداف أكبر مجموعة ممكنة من العملاء و مساعدة فئة الشباب في بناء وتعزيز ثقافة الإنتاج وبناء علاقة قوية مع المصرف، وهو ما يساعد  في الإستفادة من الأفكار المبتكرة والمنتجة والتي تساهم في رفع قدرات العملاء وتعزز من فرص النمو في الإقتصاد الوطني. علماً أن مصرفنا يوجه أكثر من 12 % من محفظته التمويلية للمساهمة في مثل هذه المشروعات.

 

5- شكل توقف الصادرات الغذائية من أوكرانيا وروسيا تحدياً بالنسبة للأمن الغذائي العربي الى أي مدى يمكن للسودان الذي يوصف بسلة غذاء العرب أن يكون البديل اليوم، وما هو دور المصارف السودانية في هذا المجال؟
يعتمد الأمن الغذائي في بعض بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا وأوروبا اعتماداً كبيراً على روسيا وأوكرانيا اللتان تشكلان أكثر من 20%  من صادرات القمح العالمية.
والسودان اليوم من خلال موارده الطبيعية الهائلة، من الأراضي الزراعية الشاسعة والتي تبلغ مساحتها 170 مليون فدان وتمثل 66% من إجمالي مساحة السودان و40% من إجمالي الأراضي الزراعية في الوطن العربي، كذلك الموارد المائية الضخمة والتي تقدر بـ433 مليار متر مكعب (400 مليار من مياه الامطار،  18 مليار من نهر النيل، 10 مليار من روافد نهر النيل و5 مليار مياه جوفية)، إضافة الى العديد من المشاريع الزراعية والحيوانية الكبيرة التي تم الإستثمار فيها عبر السنوات، من خلال كل تلك الموارد يمكن للسودان أن يلعب اليوم دوراً بديلاً جاهزاً، لسدّ النقص في الغذاء في المنطقة العربية والأفريقية. علماً أن 80% من المساحات الصالحة للزراعة في السودان غير مستغلة حتى الآن، ولو تمّ استغلالها لأنتجت بحوالي الـ 250 مليار دولار سنوياً. كل هذه الإمكانيات الهائلة تحتاج الى تعاون الدول العربية التي تمتلك رأس المال والتقنية مثل دول الخليج لتأمين الغذاء لها وللعالم.

 

6- بعد رفع العقوبات كيف تصفون علاقتكم بالمصارف المراسلة؟
أبدت بعض االمصارف الخارجية استعدادها للتعامل مع المصارف السودانية، وتم التعامل معها فعلياً، بينما العديد من البنوك الأخرى التي أبدت أيضاً استعدادها، لم تتعامل معنا حتى الآن في ظل الظروف الحالية للإقتصاد السوداني. ونتمنى بعد زوال العقبات والتعافي الإقتصادي أن تحل كافة المشاكل التي تتعلق بتوجس البنوك العالمية، خصوصاً الهواجس المتعلقة بكفاية رأسالمال و تدهور قيمة العملة الوطنية. 

 

7- ما هي مشاريع بنك النيل المستقبلية؟
نحن اليوم بصدد تطبيق عدّة مشاريع  كبيرة، ستمكّن البنك  من تحقيق تصنيف مرتفع علي المستوي المحلي والاقليمي، وحتى العالمي. من أبرزها:
* تطبيق النظام المصرفي  (core banking system)  الجديد عبر نظام “اوراكل فليكسكيوب” الأميركي. وعلى الرغم من تعثرنا قليلاً في  تطبيقه نتيجة لجائحة كورونا والظروف الإقتصادية والسياسية،  الا انه تم استئناف العمل مع  وكيل الشركة  بالسودان، وبإذن الله سيكتمل تطبيق النظام والعمل به في القريب العاجل. 
* مشروع إدخال البطاقات الائتمانية العالمية.
* زيادة عدد البنوك المراسلة في المحيط الاقليمي والعالمي.

 

8- ما هي أسباب التضخم الكبير الذي يشهده السودان اليوم؟
هنالك عدّة أسباب لهذا التضخم ابرزها:
* زيادة المعروض من النقود خارج الجهاز المصرفي، مع زيادة في أسعار الصرف في الفترة الاخيرة.
* السياسات الحكومية المتذبذبة التي تميل الى زيادة الضرائب  ورفع الدعم الحكومي عن السلع والخدمات الاساسية.
* توقف عجلة الإنتاج وخروج عدد من المصانع من دائرة الإنتاج كنتيجة للسياسات الحكومية.
* المشاكل السياسية وعدم الوصول الي  توافق وطني من شأنه بسط الإستقرار الإقتصادي.
* الإنفتاح الإقتصادي وأثره على أسعار السلع الإستراتيجية والضرورية  ومالات الاحتكار والندرة . 

 

9- تقدر خسائر السودان المباشرة وغير المباشرة بحوالي 700 مليار دولار من جراء العقوبات التي استمرت لأكثر من 27 عاماً، لكن اليوم يحكى عن تسويات سياسية واقتصادية، هل تتوقعون أن يشهد السودان بعدها طفرة اقتصادية كبيرة؟
العقوبات الاقتصادية على السودان وآثارها :
 لم يستطع الإقتصاد السوداني الإستفادة من رفع العقوبات التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حينها، وبقي الحال على ما هو عليه، بسبب استمرار وجود إسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
 سجلت معدلات النمو الكلي للاقتصاد (3%) فى 2017 و (2%-) فى 2018 و(-2.8%) فى 2019 وفي 2020 (%4.8-)، ومن المتوقع أن يكون العجز أكثر من (%5-) فى 2021 نسبة لغياب الرؤية العلمية فى إدارة الملف الإقتصادى، إضافة الى الآثار السلبية لجائحة كورونا وعدم الإستقرار السياسي والأمني وضعف القدرة الإنتاجية.
 كما ويعاني الإقتصاد السوداني منذ سنوات من إشكالات هيكلية كبيرة، إلى جانب ضعف الإنتاج و تهريب حصائل صادر الذهب والمحاصيل النقدية ما انعكس على تدهور الاقتصاد.


التوقعات الاقتصادية بعد إكتمال التسويات السياسية الجارية:
تجري على الساحة السياسية عدّة حوارات ومشاورات تهدف الى خلق تسوية شاملة تقود البلاد الى الإستقرار السياسي والأمني والإجتماعي، وتعمل على حلحلة المشاكل الإقتصادية المتراكمة والتي اقعدت البلاد وضغطت على الأوضاع المعيشية للسودانيين. وقد بدأ السودان إصلاحات هيكلية في الإقتصاد منذ العام 2020، تنفيذاً لخطة صندوق النقد الدولي، وقد قطع شوطاً كبيراً فيها، ولكن تدهور الحالة السياسية في العام 2021 أعادت الأمور الى الوراء، وأدى وقف الدعم الخارجي والقروض والمنح الى ظهور المشاكل المزمنة التي كانت قائمة أصلاً وحصل فيها إنفراج طفيف خلال 2020-2021.
وبتوقيع كل القوى السياسية على وثيقة الإتفاق الإطاري وتشكيل حكومة يقودها المدنيين، سيؤدي ذلك الى إستئناف الدعم الخارجي والقروض والمنح ودخول الاستثمارات الاجنبية التي يعول عليها السودان في الدفع بعجلة التنمية وتطوير المشاريع  وإقامة مشروعات البنية التحتية التي تدهورت خلال الفترة السابقة، وكذلك تنفيذ اتفاق سلام جوبا ودمج وتسريح قوات الحركات، ومشروعات تنمية قطاع الصادر والزراعة والثروة الحيوانية

 

10- .ما رأيكم بقرار تعويم سعر الصرف الرسمي سلبياته وإيجابياته؟
يعدّ سعر الصرف الحرّ في عالم الإقتصاد الأفضل على الإطلاق، ولكنه يحتاج في المقابل الى بيئة إقتصادية رشيدة وإحتياطي نقدي عالي من العملات الأجنبية والذهب، والمشكلة في سعر الصرف الحرّ في ظل ظروفنا الإقتصادية أنه على الرغم من أنه من الممكن أن ينهي السوق الموازي، لكنه سيحول المضاربة إلى مكاتب البنوك التجارية وهذا ما حصل بالضبط.
ومن أهم ايجابيات وسلبيات تعويم سعر الصرف:
 القضاء على السوق السوداء، إذ يعيد للبنك المركزي دفة قيادة ملف النقد الأجنبي في الدولة بعيداً عن تحكم شركات الصرافة والتجار.
 القضاء على ظاهرة “الدولرة” والتي تعني احتفاظ المواطنين بالدولار والإقبال على شرائه دون سبب مما يسبب شح السيولة الأجنبية داخل الأسواق.
 يقدم تعويم سعر الصرف دعماً كبيراً في تقليص عجز ميزان المدفوعات، ويدعم تدفقات الاستثمار الأجنبي، وزيادة الصادرات السلعية.
 تحرير ميزانيات الدولة من دعم السلع الأساسية، وبالتالي الإستفادة من مبالغ الدعم في تطوير المشروعات الاقتصادية والبنى التحتية.
 احتمال أن ترتفع الصادرات لأن أسعارها ستنخفض بعد تراجع قيمة العملة الوطنية، مما يجعلها قادرة على المنافسة بشكل أفضل.

 

وكذلك من اهم سلبيات تعويم سعر الصرف:
 ارتفاع التضخم الى مستويات قياسية، إذ صاحب تحرير سعر الصرف ظروفاً اقتصادية صعبة.
 والضرر الأبرز هو أن أصحاب الأجور الثابتة سيعانون من انخفاض دخولهم، خاصة في الدول التي تعتمد على الاستيراد بشكل كبير.
 كما أن أصحاب المدخرات بالعملة الوطنية سيتعرضون لخسارة بقدر تراجع سعر العملة.
 كما تتسبب الإضطرابات المصاحبة في حدوث ركود اقتصادي، وارتفاع مستويات البطالة، وتضرر المنتجين والمستوردين على المدى القصير وأحياناً المتوسط. 
 انخفاض قيمة الثروات النقدية بالعملة المحلية (تآكل الودائع المقومة بالعملة المحلية)، بجانب ارتفاع فاتورة سداد الديون الخارجية للدولة أو الديون بالعملة الأجنبية التي اقترضتها الشركات المحلية.

 

11- ما هي برأيكم الخطوات الواجب على الحكومة والبنك المركزي السوداني اتباعها لجذب المزيد من العملة الصعبة؟ 
السودان بلد خصب جداً مما يساعد على سهولة الغرس فيه، ولكن تواجهه بعض المعوقات كانفلات سعر الصرف وعدم ثبات الأسعار ومواصلة التضخم قفزاته ليتجاوز 420% في بعض الأحيان، وإن المستثمرين لا يزالون يواجهون عقبات عدّة تتعلق بمناخ العمل والقوانين المنظمة للأنشطة وعدم مرونة بعض موظفي الدولة (البيروقراطية الواضحة)، فضلا عن مشاكل الطاقة والبنى التحتية والإضطرابات السياسية وانفلات معدل التضخم والصعوبات التي تعترض التحويلات المالية، كلها مؤشرات غير جاذبة للإستثمارات الأجنبية.
لذا يتوجب علي الحكومة أن تعدل من قوانين استثمار الأجانب وتشجيع واستهداف دخول رؤوس الأموال وتشجيع المغتربين بالتحويل عبر المصارف وبناء علاقات مع البنوك الأجنبية.

 

12- هناك مطالبات بتغيير العملة المحلية، للسيطرة على حجم السيولة المتداولة ما  هي وجهة نظركم بهذا الموضوع؟
يُعد تغيير العملة من أنجح الحلول لامتصاص الأموال غير الشرعية في الإقتصاد المحلي وتحقيق إنطلاقة اقتصادية جديدة . ووجود تضخم نقدي وانتشار العملات المُزورة وارتفاع معدل التهرّب وتحويل الأموال خارج البلاد من أهم الأسباب التي تدعو الدول لتغيير عملاتها للحدّ من الفساد المالي وبدء عصر مالي قوي جديد وجعل دفة القيادة في يد السُلطة العليا الدولة.

ويجب أن نعرف أن طرح عملة جديدة مُميزة في نوعيتها وتصميمها سببٌ مهم لتشجيع المواطن على التغيير، ويُعطيه الثقة من جديد في العملة .
ومن أهم الاسباب التي تدعو لتغيير العملة جلب الأموال السائلة إلى القطاع البنكي الرسمي للدولة وجذب الأموال المُتداولة في السوق المُوازي إلى القنوات الرسمية للدولة، وهذا يُساعد في معرفة حجم الأموال خارج القطاع الرسمي بدقة أكبر وإعادة توجيهها داخل الاقتصاد الوطني، وتقليل نسبة التضخم النقدي.

أخبار من نفس الفئة