رغم الحرب مصرف المزارع التجاري يستمرّ بتسيير أعماله وتمويل ودعم المزارعين
1- بداية هل تتوقعون أية انهيارات او افلاسات في القطاع المصرفي السوداني في ظل الحرب الدائرة في البلاد، مع العلم أنه تم قصف وسلب العديد من المصارف، وماذا عن مصرف المزارع التجاري؟
كانت المصارف السودانية تعتمد على العاصمة الخرطوم في تواجدها وحفظ قاعدة البيانات والأجهزة التقنية الرئيسية الخاصة بها، فضلا عن وجود عدد مقدر من الفروع المنتشرة بمدن العاصمة الثلاثة (الخرطوم – امدرمان – بحرى)، وذلك وفقاً لتواجد العملاء وتركيز الأعمال التجارية والصناعية بالمدن المذكورة. وفي 15 ابريل 2023 اندلعت الحرب وتوقفت الحركة التجارية كما توقف تماماً عمل المصارف وعمل المرافق الرسمية للدولة بالعاصمة الخرطوم، حيث لحقت اضرار الحرب بمعظم رئاسات وفروع المصارف التي تدمرت مبانيها جزئياً أو كلياً كما تمّ ونهب ممتلكاتها من الاثاثات والنقدية وأصبحت عملية تسيير انشطتها من العاصمة مستحيلة، الا ان معظم البنوك كانت تحتفظ بموقع احتياطي تقني خارج العاصمة وقد استطاع بعضها مواصلة العمل دون انقطاع من الموقع الاحتياطي بعد عطلة عيد الفطر في 30 أبريل. وكان مصرف المزارع التجاري أول مصرف إنتقل الى العمل من الموقع الاحتياطي بمدينة ودمدنى مباشرة بعد العطلة، واستطاع تشغيل 20 فرعاً للمصرف بالمدن خارج العاصمة وتقديم خدماته لجميع العملاء والالتزام تجاه عملائه وتوفير احتياجاتهم من السيولة وتمويل التجارة الخارجية، حيث ان النظام التقني لمصرف المزارع يمكًن جميع عملاء المصرف من ادارة حساباتهم والحصول على جميع الخدمات والعمليات الاستثمارية والائتمانية من أي فرع للمصرف دون التقيد بالفرع الذي يحتفظ فيه العميل بحسابه، وهذا الوضع اتاح فرصة جيدة لعملاء المصرف لمواصلة نشاطهم التجاري دون توقف.
خلال شهر مايو استطاعت معظم البنوك تكملة مراجعة موقفها التقني ومزاولة نشاطها ضمن مجموعة البنوك، الا أن شركة الخدمات المصرفية الالكترونية EBS توقفت عن العمل وعليه توقفت المقاصة الالكترونية وخدمات الصراف الالى ونقاط البيع، ولكن فان بعض المصارف استطاعت من خلال الموبايل المصرفي الخاص بها توفير بديل مناسب اعتمد عليه جمهور العملاء خصوصاً فى قطاع التجزئة المصرفية لسداد التزاماتهم بسهولة. وعلى الرغم من توقف المقاصة الالكترونية إلا أن البنك المركزي استطاع توفير خدمات نظام التسويات الآنية بين المصارف والتى سهلت سداد عمليات انتقال الاموال بين البنوك ووفرت للعملاء خدمات التحاويل بين البنوك وسداد التزاماتهم بصورة جيدة.
كانت خدمات "السويفت" من ضمن الخدمات التى فقدتها معظم البنوك منذ بداية الحرب، وعليه قامت اللجنة المشرفة على ادارة "السويفت" في اتحاد المصارف السوداني ببذل جهد كبير استطاعت من خلاله اعادة ربط معظم البنوك بشبكة "سويفت" عن طريق مشغّل آخر خارجي، الا أننا في مصرف المزارع تعاقدنا مع شركة خارجية لإعادة العمل بخدمة "السويفت" وشت الأمور بسلاسة دون أي مشاكل او معوقات والتي واجهت بعض البنوك الأخرى.
من الاثار المباشرة للحرب كما اشرت سابقاً تهديم مباني رئاسات وفروع بعض البنوك جزئياً وكلياً وحدثت عمليات نهب للاثاثات وسطوعلى النقدية المحفوظة بالخزن بالعاصمة الخرطوم واصبحت مبانيها تحتاج الى اعادة تأهيل بعد توقف الحرب، وفي هذا اتفق مدراء عموم البنوك ان يتم اطفائها على فترة زمنية لاحقة بعد الاتفاق مع بنك السودان المركزي، علماً بأن هناك مطالبات قدّمت من البنوك لشركات التأمين للتعويض مازالت قيد الدرس، واتوقع ان تشمل هذه الخسائر تعويضات يمكن ان تتوفر لاحقاً لذا فأنني استبعد ان يحدث أي انهيار او افلاس للبنوك، كما ان سياسة البنك المركزي ابدت وفى ظل انعكاسات الحرب على مجمل النشاط الاقتصادي مرونة مناسبة للتعامل مع البنوك وفى اطار تقوية المؤسسات المالية المصرفية وشجعت سياسات بنك السودان المركزي المساهمات الاجنبية فى رؤوس اموال البنوك والمصارف وعمليات الدمج والاستحواذ مع ضرورة التزام البنوك بالمعايير والنظم العالمية.
2- كان لكم في 2023 مشاركات مهمّة في مشاريع زراعية ضخمة خصوصاً في ولايتي الجزيرة والقضارف وسواها، الى أي مدى يلعب مصرف المزارع التجاري دوره في دعم الزراعة وإبعاد شبح المجاعة عن البلاد خصوصاً في هذه الظروف العصيبة؟
يلتزم مصرف المزارع التجاري ادبياً بتمويل الزراعة بشقيها الزراعي والحيواني، علماً أن قاعدة مساهمي المصرف تشتمل عدداً كبيراً من المزارعين، ورغم ان أجمالي مساهمة هؤلاء لا تمثل الا الاقلية بين نسب المساهمات الاخرى، الا ان المصرف درج على الاهتمام بتمويل صغار وكبار المزارعين والشركات الزراعية وكان له دور رائد في هذا المجال. كما أن مصرف المزارع يمتلك شركة زراعية (قرين توبس) متخصصة في تنفيذ ومتابعة الأعمال الزراعية، وقد أكتسبت هذه الشركة خبره تجاوزت الـ 20 عاماً استطاعت من خلالها توفير استيراد الالات الزراعية ومدخلات الانتاج .
من ناحية أخرى منح مصرف المزارع أولوية قصوى فى خطة التمويل للعام 2023 لتوفير التمويل للزراعة حيث كانت الحرب أكبر مهدد لنقص الغذاء في السودان، لذا حرص المصرف على توفير التمويل فى الوقت المناسب في الموسم الصيفي الذي يبدأ فى شهري ابريل / مايو من كل عام، ومنح المصرف التمويل للقطاعات الزراعية من افراد وشركات عبر فروع المصرف بصيغة السلم والصيغ الأخرى وذلك في مناطق الزراعية المطرية (القضارف – سنار - كوستى - الدمازين ) وبالفعل تمت زراعة محاصيل الذرة – السمسم – الفول السودانى بصفة رئيسية بالاضافة لمحاصيل اخرى يزرعها المزارع لتوفير الغذاء كما منحنا تمويلات للصمغ العربى. وبالفعل فقد حققت الزراعة المطرية نجاحاً كبيراً والان تتوفر كميات مقدرة من المحاصيل المذكورة، ويمكن القول بأن السودان استطاع تأمين الناحية الغذائية وهناك فائض يتم الترتيب لتصديره.
من الشركات الكبيرة التى قام مصرف المزارع بتمويلها شركة سكر كنانة وذلك بمنحها تمويلاً مقدراً بصيغ السلم والمرابحة ساعد كثيراً فى زراعة وحصاد قصب السكر والذي يمثل المواد الخام الاساسية لصناعة السكر، والان بدأ المصنع انتاج السكر وكانت تقديرات الانتاج اكبر من الموسم السابق ويحقق فائض للصادر.
فى منتصف شهر نوفمبر 2023 وفرّ مصرف المزارع تمويلاً لزارعة القمح فى الموسم الشتوي لعدد كبير من صغار المزارعين، وكانت حيازة الاراضي لكل مزارع فى حدود الـ 5 افدنة، وشمل التمويل 19 الف مزارع في ولايتي الجزيرة ونهر النيل لتوفير التقاوى المحسنة والاسمدة والخيش عند الحصاد، ولمساعدت هؤلاء المزارعين في حلّ المشكلة الرئيسية التى تواجههم دائماً وهي تسويق المحصول حيث الاسعار فى الاسواق لا تغطى التكلفة، قام المصرف ولأول مرة بمنح المزارع الفرصة فى سداد التمويل عيناً عند الحصاد بتسليم القيمة محصولاً.
اما فى الولاية الشمالية فقد كانت المشكلة الحقيقية التى تواجه المزارعين هى ارتفاع تكلفة الكهرباء والجازولين للري، لذا فقد شرع المصرف فوراً بتوفير وحدات طاقة شمسية تخفّض الكلفة بصورة كبيرة وتمكّن المزارعين من الحصول على فرص تسويق أفضل لمحاصيلهم. وفى القطاع المروى وفّر المصرف تمويلاً للأسمدة الخيش لمشروع حلفا الجديدة وهو من المشروعات الكبيرة وذلك لزراعة القمح، حيث استطاعت ادارة المشروع وفيرالتقاوى بعد ان اكمل المزارع مرحلة اعداد الارض ولإدارة المشروع هذه تجربة جيدة فى متابعة العملية الزراعية فى جميع مراحلها، ويعتبر المشروع من انجح المشروعات الزراعية. هذا وتتطلع ادارة مشروع حلفا الجديدة مواكبة التطورات التقنية وذلك بتحديث الاليات الزراعية والتوسّع فى اعمال التقنية الزراعية. وقد وعدهم مصرف المزارع بالدعم وتوفير التمويل المطلوب فى العام المقبل.
3- ماهى ابرزالمؤشرات الاقتصادية للبلاد منها على سبيل المثال الناتج المحلي الاجمالي والعجز التجاري وعجز الموازنة وخفض قيمة العملة؟
- معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الاجمالى 1.90% فى العام 2022
- سجل الميزان التجاري عجزاً قدرة 2.090.20 مليون دولار في السلع ومبلغ 45.60 مليون دولار في الخدمات .
- بلغ العجز الكلي فى الموازنة عام 2022 مبلغ 478,888 مليون جنية وتم تمويله من مصادر التمويل الداخلية والخارجية وذلك وفقا للتقديرات الاولية .
- المتوسط الترجيحي لسعر صرف الدولار مقابل الجنية السودانى فى البنوك التجارية والصرافات يعادل 577.389 جنية سودانى بنهاية سبتمبر 2022.
4- ماهى ابرز النتائج والمؤشرات التى حققها مصرف المزارع التجاري حتى الربع الثالث من 2023 ؟
إدناه النتائج والمؤشرات التى حققها المصرف بنهاية الربع الثالث من العام 2023 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022:
- زيادة 9% في اجمالي الموجودات
- زيادة 11% في اجمالي الودائع
- زيادة 3% في اجمالي محفظة التمويل
- تراجع 6% في اجمالي الارباح
- زيادة 3% في حقوق الملكية
5- الى أي مدى ساهمت الخدمات الرقمية لديكم في استمرار نشاطكم المصرفي رغم الحرب، وما هي أهم هذه الخدمات والتسهيلات؟
احدثت الحرب تاثيراً مباشراً على البنية التحتية للاتصالات، فضلاً عن توقف اجهزة حفظ البيانات وتقديم الخدمات التقنية، الا أن مصرف المزارع التجاري استطاع من خلال تطبيق الموبايل المصرفي الخاص به (ناس البيت) الاستمرار بالعمل، بعد ان كثّفنا الجهود في تنفيذ خطة لاستقطاب وفتح حسابات إدخار جديدة وربطها بالموبايل المصرفي، وقد حققت هذه التجربة نجاحاً كبيراً حيث تضاعف عدد المشتركين خلال فترة قصيرة، بعدها رصدنا حوافز مالية بإضافة أرصدة لحسابات التوفير الجديدة، ونخطط لزيادة الحصة السوقية للمصرف فى قطاع التجزئة المصرفية عبر هذا التطبيق الذي نعمل الان على تحديثه وتغيير اسمه ليكون اكثر جاذبية.
6- ما هي مشاريعكم المستقبلية؟
لدينا العديد من المشاريع والأهداف أهمها:
- إيلاء اهتمام اكبر بالتقنية المصرفية والخدمات الرقمية ومواصلة تحديث اجهزة حفظ البيانات وربطها بشبكة الداتا كلاود Data Cloud لضمان استمرار الخدمة، وعليه تصبح الشبكات المتوفرة الأخرى الآن احتياطية.
- توفير خدمات التحويل عبر الماستركارد لقطاع المغتربين وربطها بتطبيق الموبايل المصرفي، مع انشاء مكتب خاص يقدم خدمات الموبايل المصرفي دون انقطاع .
- التوسع فى تمويل صغار المزارعين والتركيز على نقل التقانة الزراعية وزيادة الفرص فى تمويل الالات الزراعية والاهتمام بتوفير جميع وسائل الانتاج.
- المساعدة فى تأهيل وإنشاء المصانع الصغيرة والمتوسطة بهدف إحداث نقل نوعية فى مجال التصنيع الزراعى والعمل على توفير سلع صادر مصنعة، وفى هذا المجال شارك المصرف فى ملتقى الاستثمار الذى عقد بود مدنى فى يوليو 2023 والذي بحث توفير فرص ومجالات جيدة تشجع العمل الاستثماري وتعمل على استقراره .
- منح فرص اكبر للتطوير وتحديث الصناعات الكبيرة القائمة وتمويل رأس المال بما يحقق انتاج سلع مصنعة . هذا وقد شارك المصرف فى ملتقى دعم تعافي القطاع الزراعي في السودان والذى عقد فى اسطنبول 4 ديسمبر 2023 وضم الكثير من رجال الاعمال السودانيين والشركات التركية تحت اشراف المنظمة العربية للتنمية الزراعية وبحضور وزير المالية السودانى وقد كان من اهدافه الوصول الى شراكة زكية فى مجالات الزراعة والتصنيع الزراعي.
- زيادة الاهتمام بشركة قرين توبس الزراعية التابعة لمصرف المزارع التجاري ومنحها الدعم اللازم لتطوير أعمالها خاصة فى مجال الزراعة لتطوير التقنية وتوفير الاليات لصغار المزارعين بالاضافة الى الاسمدة ومدخلات الانتاج الزراعي.
- وأخيراً سوف يقوم مصرف المزارع باضافة فرعين جديدين بمدينتي عطبرة وبورتسودان مع تجهيز رئاسة للمصرف وذلك للتوسع فى تقديم الخدمات المصرفية للعملاء الذين انتقلوا من مناطق الحرب الى المدن المذكوره.