اتفاقية شراكة بين بنك صفوة الإسلامي والمصرف العراقي الاسلامي للاستثمار والتنمية، لخدمة التكامل الاقتصادي بين الأردن والعراق
1- كيف أثرت التحديات والمخاطر الجيوسياسية العربية والعالمية على القطاع المصرفي الأردني؟
لا يخفى على أحد مدى تأثير التحديات الجيوسياسية، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، التي تتراوح ما بين عدم الاستقرار السياسي، والعقوبات الدولية المفروضة على بعض الدول، فضلاً عن ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً، وتقلب أسعار الطاقة وسلاسل التوريد، والتحولات الاقتصادية في دول المنطقة العربية بما في ذلك الأردن، والتي تترافق مع تزايد كبير في الرقابة العالمية على مكافحة غسيل الأموال والأعمال المشبوهة.
هذه التحديات لا تزال تلقي بظلالها على القطاعات الاقتصادية كافة، بما في ذلك القطاع المصرفي في كل دول العالم، والأردن ليس باستثناء حيث أثرت هذه التحديات على تدفق الاستثمار وسعر الصرف والتضخم، الا أن الاقتصاد الأردني حافظ على قوته ومناعته بفضل سلامة نهج السياسات الاقتصادية والالتزام الشديد والصارم بالإصلاحات الهيكلية السياسية والإدارية والاقتصادية الشاملة المدعومة بخطط طويلة الأمد. وقد استطاع البنك المركزي الأردني بفضل سياسته النقدية الحصيفة، الحفاظ على استقرار القطاع المصرفي من خلال تعزيز الاحتياطات الأجنبية ودعم مرونة القطاع المالي وضمان استقرار الدينار الأردني، مع الاستمرار بتفعيل خطط الطوارئ.
وبشكل عام، فإن البنوك الأردنية تقود بدورها سياسات استثمارية وائتمانية ونماذج أعمال توازي سياسات البنك المركزي الأردني من حيث التحفظ، كما يقوم البنك المركزي الأردني بمراجعتها باستمرار للتأكد من مدى ملاءمتها وكفايتها وقدرتها على الحفاظ على متانة أوضاع البنوك وتحمل الصدمات، واتخاذ اللازم عند الحاجة، سواء من خلال زيادة رؤوس الأموال أو زيادة مخصصات التحوط إزاء الخسائر، أو تخفيض التعرضات.
وتؤكد المؤشرات قوة ومتانة القطاع المصرفي الأردني، حيث تحافظ البنوك العاملة في المملكة على نسب مرتفعة من كفاية رأس المال، كما أن محفظة التسهيلات الائتمانية تشكل المكوّن الأكبر من موجودات القطاع المصرفي الأردني، مقابل ذلك لم يشهد القطاع ارتفاعاً كبيراً في نسبة الديون غير العاملة إلى إجمالي الديون. كل ذلك كان مدعوماً بسياسات امتثال وحوكمة صارمة، مع استراتيجية جديدة للشمول المالي (2023-2028) لتعزيز الوصول والاستخدام المسؤول للمنتجات والخدمات المالية التي يتم تطوير المزيد منها لتلبية احتياجات مختلف الفئات والقطاعات المجتمعية، مع مراعاة تعزيز الرقمنة في هذه المنتجات والخدمات.
هذا وتشير الأرقم إلى تحسن يمكن أن نلمسه، سيعكس مستوى من التعافي التدريجي من تداعيات التحديات والظروف الجيوسياسية خاصة المحيطة، مع توقعات بأن يستعيد الاقتصاد عافيته خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
وبالنسبة لبنك صفوة الإسلامي، فقد ساهمنا بشكل فاعل في الحفاظ على متانة القطاع، حيث حرصنا انتهاج سياسات إدارة مخاطر قوية، الى جانب الاستمرار في تعزيز متانة مركزنا المالي، حيث حققنا أداء مالياً قوياً رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، وذلك عبر الحفاظ على مرونتنا، وتنويع الاستثمارات والتمويلات، وتعزيز الامتثال، والاستمرار في الاستثمار في التحول الرقمي لتقديم المزيد من الحلول المبتكرة وتعزيز الكفاءة التشغيلية، هذا فضلاً عن التوجه نحو الشراكات الإقليمية لدعم النمو الاقتصادي وتعزيز الاستقرار المالي.
2- أطلق البنك المركزي الأردني استراتيجيته للشمول المالي (2023 – 2028)، ما هي الإجراءات التي قام بها بنك صفوة الإسلامي لتبني هذه الاستراتيجية؟
كان بنك صفوة سباقاً في إدراك أهمية الشمول المالي والعمل على تعزيزه وتوسيع نطاقه حتى من قبل إطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى في هذا المجال (2018-2020).
وتتمثل أبرز جهودنا في هذا المجال بتقديم حلولنا وخدماتنا ومنتجاتنا المصرفية المتنوعة والمتوافقة مع أحكام الشريعة والتي أسهمت في إدماج شريحة أوسع من المتعاملين في المنظومة المصرفية، إلى جانب التوسع في شبكة الفروع وأجهزة الصراف الآلي في أنحاء المملكة، فضلاً عن العمل على إدخال الخدمات المصرفية الرقمية، وتمكين المرأة مالياً، وغيرها.
استمرت هذه الجهود على مدار فترة تطبيق الاستراتيجية الأولى، وستتواصل وتتعزز على مدار فترة تطبيق الاستراتيجية الثانية (2023-2028)، عبر المشاركة في المبادرات الوطنية لتعزيز الشمول المالي وبرامج التثقيف المالي، اضافة الى الاستمرار في توسيع شبكة الفروع خصوصاً في المناطق البعيدة عن الخدمات المصرفية، وأيضاً مواصلة تعزيز وإثراء خدماتنا الرقمية التي تمكن المتعاملين من إجراء عملياتهم المصرفية وتعاملاتهم المالية بسهولة وأمان عبر الإنترنت في أي وقت ومن أي مكان في المملكة.
تتجه خططنا أيضاً في هذا السياق نحو تقديم المزيد من المنتجات والبرامج التمويلية المبتكرة التي تتناسب مع احتياجات الأفراد وأصحاب المشاريع الصغيرة وذوي الدخل المحدود والمنخفض، مما يسهم في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز الشمول المالي، خاصة بالنظر لكفاءتها وقدرتها على تسهيل المعاملات والتعاملات، والتي زادت من الطلب عليها.
نحن في بنك صفوة الإسلامي نؤمن بأن الشمول المالي ليس مجرد التزام تنظيمي، بل هو ركيزة أساسية لنمو الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة.
3- كيف يواكب بنك صفوة الإسلامي عصر التحول إلى الاقتصاد الرقمي؟
يمثل التحول الرقمي أحد الأولويات الاستراتيجية لبنك صفوة الإسلامي، وذلك لتحسين عملياتنا التشغيلية وتقديم تجربة مصرفية عصرية وسلسة مع خدمات عالية الجودة تدعم المتعاملين وتلبي احتياجاتهم وتتفوق على تطلعاتهم، خاصة الشباب التي تعد التكنولوجيا جزءاً أساسياً من حياتهم.
وفي هذا السياق، فقد استثمرنا منذ وقت سابق في الأنظمة البنكية المتطورة والحلول والأدوات الرقمية المواكبة لأحدث الاتجاهات في التكنولوجيا المصرفية والمالية.
نفذنا عدداً من المبادرات الرقمية وأطلقنا التقنيات والحلول التقنية، وطورنا المنتجات والخدمات بما فيها خدمات الأعمال بالاستفادة من الرقمنة.
كثيرة هي الأمثلة، وأذكر منها إطلاق منصات الخدمة المصرفية الإلكترونية المختلفة بما فيها تطبيقنا المصرفي الذي يتم تحديثه باستمرار ودمج كل ما هو جديد من خدمات لدينا ضمنه، إلى جانب الاستثمار في التحليل الرقمي والبيانات الضخمة لتحسين تجارب العملاء وتلبية احتياجاتهم، هذا فضلاً عن تقنيات وخدمات المدفوعات الرقمية المتنوعة التي نواصل إطلاق المزيد منها، مشتملة على تقنية الدفع اللاتلامسي، وخدمة Apple Pay التي كنا أول بنك إسلامي في المنطقة يبادر بتقديمها، فضلاً عن خدمة CliQ وبطاقات الدفع المباشر للشركات، وخدمة تنفيذ الدفعات النقدية باستخدام رمز الإجابة السريعة، وحلول الدفع الموجهة لتجار التجزئة وأصحاب الأعمال الحرة، وغيرها الكثير.
كل هذه الجهود التي تقوم على الابتكار باعتباره قوة تحويلية في الاقتصاد، ترمي في المقام الأول لجعل الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية أكثر شمولاً ومرونة، في الوقت الذي تؤثر فيه على تحسين العمليات وتطوير البنى التحتية وخفض التكاليف، إلى جانب فتح الآفاق من حيث فرص العمل وتنويع وتقوية الاقتصاد.
4- وقعتم اتفاقية شراكة مع المصرف العراقي الاسلامي للاستثمار والتنمية، هل لنا بالمزيد من التفاصيل عن هذه الشراكة، ولماذا هذا الاهتمام الكبير من المصارف الأردنية للتوسع في العراق؟
أعلنّا أخيراً عن دخولنا كشريك استراتيجي في المصرف العراقي الإسلامي للاستثمار والتنمية، والذي يعتبر من البنوك الرائدة في مجال التمويل الإسلامي، ونحن فخورون بهذه الشراكة التي تمثل مرحلة جديدة ومهمّة في مسيرتنا نحو التوسع الخارجي، بما يخدم أهدافنا الاستراتيجية الرامية إلى تعزيز مركزنا المالي وتنويع مصادر إيراداتنا.
ومن خلال هذه الشراكة سنتمكن من رفع مستوى الخدمات المصرفية في السوق العراقي، في الوقت الذي سيستفيد فيه كلا الطرفين من ناحية تبادل الخبرات وتعزيز القدرات التنافسية، الأمر الذي سيخلق قيمة كبيرة للمساهمين، وسينعكس على تنمية القطاع المالي في العراق وقيادة نمو التمويل الإسلامي في المنطقة بفضل نقاط القوة والرؤية المشتركة.
وأشدد هنا على أهمية هذه الشراكة بالنظر إلى الجهود الحثيثة المبذولة خاصة في الفترة الأخيرة لتحقيق التكامل الاقتصادي بين العراق والأردن تجسيداً لرؤية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وتوسيع آفاق التعاون المشترك خاصة الاستثمارية والتجارية وضمن القطاع المالي والمصرفي، تعزيزاً لمسار النمو وضمان وتيرته التصاعدية.
5- ما هي أبرز النتائج المالية التي حققها البنك في الفترة الأخيرة؟
رغم التحديات الاقتصادية العالمية، نجحنا في بنك صفوة الإسلامي في تحقيق نتائج مالية متميزة تعكس قوة أدائنا واستراتيجتنا المدروسة، فضلاً عن الثقة التي نحظى بها في السوق المصرفية، محققين نمواً مستداماً، ومعززين موقعنا كأحد البنوك الإسلامية الرائدة في الأردن والمنطقة.
ويتمثل أبرز ما حققناه من ناحية أدائنا المالي في تسجيل نمو ملحوظ في الإيرادات والأرباح التشغيلية، إضافة الى تعزيز موقعنا الريادي من خلال زيادة حجم التمويلات الممنوحة، مع الحفاظ على تنافسية الأسعار وتحسين جودة المحفظة الائتمانية. كما شهدت ودائع العملاء والموجودات نمواً جيداً، فيما أكدت مؤشرات كفاية رأس المال وحقوق الملكية متانة مركزنا المالي. وعلى صعيد العائد على حقوق المساهمين، فقد سجلنا ارتفاعاً يعكس استدامة الأداء القوي. وقد جاءت هذه النتائج مدفوعة بالتوسع في الخدمات الرقمية، إلى جانب الحفاظ على مسار النمو التصاعدي في قاعدة المتعاملين، معززاً بتحسين الكفاءة التشغيلية، مع التركيز على إدارة المخاطر بفعالية.
هذا وقد بلغت أرباحنا الصافية (20.2) مليون دينار أردني بعد المخصصات والضرائب، في حين ارتفع إجمالي الدخل بنسبة (33%) ليصل إلى (101.0) مليون دينار، مقارنة بـ (75.6) مليون دينار في نهاية العام 2023. كذلك، فقد شهدت أرباحنا التشغيلية نمواً بنسبة (32%) لتبلغ (83.5) مليون دينار. وقد حققنا زيادة في صافي التسهيلات الائتمانية بعد طرح المخصصات لتصل إلى (2.3) مليار دينار، بارتفاع نسبته (15%) عن العام السابق، مع الحفاظ على نسب مرابحة تنافسية، إضافة إلى تحقيق نمو في ودائع العملاء بنسبة (20%) لتبلغ (3.0) مليار دينار، ما يمثل (6.5%) من إجمالي ودائع القطاع المصرفي. كذلك، سجلت الموجودات ارتفاعاً بنسبة (21%) بقيمة إجمالية (606) مليون دينار أردني لتصل إلى (3.5) مليار دينار، في الوقت الذي بلغت فيه حقوق الملكية (210) مليون دينار، ونسبة كفاية رأس المال (16.1%). ومع هذه النتائج المشجعة، ارتفع العائد على حقوق المساهمين ليصل (10.2%) مقارنة بـ (9.7%) في العام 2023.
ولعل نتائجنا المالية هذه إنما تشير لجهود ونتائج مماثلة من حيث التميز في جوانب ومؤشرات عملياتنا الأخرى، التشغيلية والتكنولوجية المالية، والحوكمة المؤسسية، والمسؤولية المؤسسية المجتمعية، إذ واصلنا تحسين بنيتنا التحتية البنكية، ووظفنا أحدث الحلول الرقمية، وقدمنا المزيد من الخدمات للأفراد والشركات، ومنحنا التمويلات التي ركزت على الشركات الصغيرة والمتوسطة وعلى المشاريع الخضراء. كذلك، فقد حدثنا سياساتنا الداخلية لضمان الشفافية والامتثال للمعايير المصرفية العالمية، وواصلنا الاستثمار في مواردنا البشرية مع تعزيز ثقافة الأداء المتميز. وكل ذلك، لم يثننا عن مواصلة الانخراط وتنفيذ المبادرات المجتمعية التمكينية المتنوعة بما يتوافق مع أولويات التنمية وأهداف رؤية التحديث الاقتصادي.
6- ما هي مشاريعكم المستقبلية؟
تتماشى خططنا للعام الحالي والأعوام المقبلة (الخطة الخمسية)، مع رؤية التحديث الاقتصادي للمملكة، حيث تركز هذه الخطط على تحقيق النمو المستدام من خلال التوسع وتعزيز الابتكار الرقمي، إضافة الى تحسين الكفاءة في استخدام الموارد، وتوسيع قاعدة عملائنا بالتركيز على استقطاب الأجيال الشابة ورواد الأعمال، فضلاً عن مواصلة الاستثمار في رأس مالنا البشري.
وتتمحور أبرز مشاريعنا المستقبلية حول: التوسع في الخدمات الرقمية وإطلاق المنتجات المصرفية المبتكرة بالتوازي مع المزيد في مجال رقمنة العمليات، إلى جانب الانتشار الإقليمي الذي استهللناه بتواجدنا في السوق العراقية، ولن ننسى تعزيز شراكتنا الاستراتيجية مع المؤسسات المالية.
هذا وستبقى الجودة والقيمة أساساً بالنسبة لنا ليس فقط في خدماتنا ومنتجاتنا، بل وفي مختلف جوانب عملياتنا بما في ذلك علاقتنا مع متعاملينا وأبناء مجتمعنا ومساهمينا الكرام.
ولن نغفل عن دورنا في تطوير الطاقات البشرية داخل بيئة عملنا وخارجها، وفي تعزيز الوعي المالي.
كذلك، فإن لمبادرات المسؤولية الاجتماعية نصيب من مشاريعنا وخططنا بما يتواءم مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي وبما يخدمها.